سورة الأحقاف - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحقاف)


        


{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)}
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت بمكة سورة {حم} الأحقاف.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
وأخرج أحمد بسند جيد عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من آل {حم} وهي الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت ثلاثين.
وأخرج ابن الضريس، والحاكم وصححه ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الأحقاف، وأقرأها آخر فخالف قراءته، فقلت: من أقرأكها؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: والله لقد أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ذا. فأتينا رسول الله صلى الله، فقلت يا رسول الله: ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال: بلى، فقال الآخر: ألم تقرئني كذا وكذا قال: بلى. فتمعّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليقرأ كل واحدٍ منكما ما سمع فإنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف.


{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)}
أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس «عن النبي صلى الله عليه وسلم {أو أثارة من علم} قال: الخط».
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والخطيب من طريق أبي سلمة عن ابن عباس {أو أثارة من علم} قال: هذا الخط.
وأخرج سعيد بن منصور من طريق صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط فقال: علمه نبي ومن كان وافقه علم. قال: صفوان: فحدثت به أبا سلمة بن عبد الرحمن فقال: سألت ابن عباس فقال: {أو أثارة من علم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم».
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {أو أثارة من علم} قال: حسن خط.
وأخرج الطبراني في الأوسط، والحاكم من طريق الشعبي عن ابن عباس {أو أثارة من علم} قال: جودة الخط.
وأخرج ابن جرير من طريق أبي سلمة عن ابن عباس في قوله: {أو أثارة من علم} قال: خط كان تخطه العرب في الأرض.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله: {أو أثارة من علم} قال: أو خاصة من علم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {أو أثارة من علم} يقول: بينة من الأمر.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {أو أثارة من علم} قال: أحد يأثر علماً وفي قوله: {هو أعلم بما تفيضون فيه} قال: تقولون.


{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)}
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {قل ما كنت بدعاً من الرسل} يقول لست بأوّل الرسل {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} فأنزل الله بعد هذا {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [ الفتح: 2] وقوله: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات} [ الفتح: 3] الآية فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعاً.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {قل ما كنت بدعاً من الرسل} قال: ما كنت بأوّلهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قل ما كنت بدعاً من الرسل} قال: يقول: قد كانت الرسل قبله.
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: هل يترك بمكة أو يخرج منها؟
وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: نسختها هذه الآية التي في الفتح، فخرج إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال رجل من المؤمنين: هنيئاً لك يا نبي الله قد علمنا الآن ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله في سورة الأحزاب {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً} [ الأحزاب: 47] وقال: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً} [ الفتح: 5] فبين الله ما به يفعل وبهم.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن مثله.
وأخرج أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن مردويه عن أم العلاء رضي الله عنها وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت «لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قلت: رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي ولا بكم. قالت أم العلاء: فوالله ما أُزَكّي بعد أحداً».
وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قالت امرأته، أو امرأة: هنيئاً لك ابن مظعون الجنة. فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر مغضب وقال: وما يدريك والله إني لرسول الله وما أدري ما يفعل الله بي». قال: وذلك قبل أن ينزل {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فقالت يا رسول الله صاحبك وفارسك وأنت أعلم، فقال: «أرجو له رحمة ربه، وأخاف عليه ذنبه».
وأخرج ابن حبان والطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه «أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما قبض قالت أم العلاء: طبت أبا السائب نفساً إنك في الجنة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك؟ قالت: يا رسول الله عثمان بن مظعون قال:أجل ما رأينا إلا خيراً والله ما أدري ما يصنع بي».
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف زماناً، فلما نزلت {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [ الفتح: 1- 2] اجتهد، فقيل له: تجهد نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: ثم درى نبي الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ما يفعل به يقول {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: أما في الآخرة فمعاذ الله قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن {ما أدري ما يفعل بي ولا بكم} في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي، أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي {ولا بكم} أمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفاً أم يخسف بها خسفاً ثم أوحي إليه {وإذا قلنا لك أن ربك أحاط بالناس} [ الاسراء: 60] يقول: أحطت لك بالعرب لا يقتلوك، فعرف أنه لا يقتل، ثم أنزل {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً} [ التوبة: 33] يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ثم قال له في أمته {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [ الرعد: 43] فأخبر الله ما صنع به وما يصنع بأمته.

1 | 2 | 3 | 4 | 5